ماذا تفعل بي طيْبة؟!

طيْبة الطيبة! والمدنية المنورة.. من سمّاها ولقّبها لاينطقُ عن الهوى، فهو الصادقُ فيما يقول، والمُصيبُ فيما يُقر، والمُحقُّ فيما يختار.

ذوقهُ رفيع.. وحديثهُ خلّاق.. ومكانهُ طِيبٌ ونورٌ على نور!

وجههُ وضّاء.. وجبينهُ أغر.. وكفّهُ سلام.. وطلعتهُ بهيّة..

ليس له شبيه.. ولا يُوازي سمّوه أحداً من قبله ولا من بعده..

مشيهُ وقار.. وقعودهُ استغفار.. وجوارهُ أحسنُ جِوار.. وهو الذي غنّى لقدومهِ حباً وتشريفاً له الأنصار..

ثم ماذا؟

ثم سكن طيبة!

وجاهد بطيْبة.. وأقام قوانين الحياة ونُظُمها من طيْبة.. ثمّ استقرّ طِيبُهُ ونورهُ في طيْبة الطيّبة..

وهو الذي قد أسماها.. والطّيبُ كلهُ منه!

تُرى ما الذي تفعله بي طيْبة بعد هذا كلّه؟!

إن أقل ما أشعر به منذ أن اقترب لباحته صلى الله عليه وسلم هو أن نفسي تطيب وروحي تطيب وحياتي كلها بما فيها تطيب.. ليس مبالغةً ولكنه شعور غير متحكم به يجيء كما لو أنها نسمة هواء لا أقدر على ردها ولا الإتيان بها.. أستمتع بكل لحظةٍ بجواره هنا والآن..

لقد اعتدت أن أزور المدينة المنورة 3 مرات في السنة، وفي كل مرة آتيها أشعر أني أُبعثُ من جديد وكأنه ابتدأ لي ميلادٌ بفصل آخر.. حين أعود من المدينة؛ لا أعود أنا أنا.. أشعر بخفة الطير وكأن شيئاً لا أعرف كُنهه انزاح عني وحلّ محله نورٌ وإشراقةٌ وطيبة.. وأنا أستشعر بكامل أحاسيسي ومن عمق روحي ميزة هذا المكان الذي أُطلق عليه “نوراً وطيباً”.. متيقنةً يقيناً لا شك فيه أنه كذلك.

فضلاً عن المكان.. إن أعظم ما يبعث النور فيه هو وجود الحبيب قريب منا! ليس بيننا وبينه إلا أمتارأً  وجدارا..

وهو النور ومصدره..  وهو الطِيب كلهُ أولهُ وآخره..

أتأمل صفاته وأخلاقه وهديه.. رحمته وإحسانه ولطفه.. ثم ما ألبث إلا أن أجدني مبتسمة طيلة الوقت وأنا أتذكر كل القصص والأحاديث التي خلّدها في هذا المكان وأقول له: يا حبيبي يا محمد! ما أقربكَ من مُحبيك، وما قرّبني منك إلا أنني أحبك.. فاللهم قرباً منه في المكان، وقرباً من هديهِ وأخلاقهِ الحسان، وقرباً منه عند حوضهِ يوم أن ألتقيهِ عندك يا سيّدي الله بالجِنان!

إن زيارة الحبيب واستشعار عظمته وحبه وقربه تُورث في المرء مثل خصاله وصفاته وشيئاً من طاقته..

ألم نقل كثيراً: جاور السعيد تسعد؟  وأن النجاح مُعدي؟ وطاقة المكان مُعدية؟

إن أرقّ وأزكى المجاورة هي مجاورة الحبيب بين الفينة والأخرى، وأعظم العدوى هي القرب منه لأن المكان الذي هو فيه نيّرٌ وضّاء، وطاقته زاكيةٌ وطيّبة.. وهذا هو سبب تفسيري للراحة والطمأنينة والنور الذي أشعر به حين أزور المدينة المنورة.. أشعر حقاً أني طيّبةً ومشرقةً من الداخل والخارج، وهذا مكمن البهجة والأنس.

في زيارتي الأخيرة لطيبة الطيبة والمدنية المنوّرة كتبت القصيدة التالية وأنا بساحة الحرم أتأمل طرقاته وأتلفّت يميناً ويساراً وأقول: لقد مرَّ العظيمُ من هنا!

هنا القصيدة:

وتطيبُ نفسي إن غدوتُ لطيْبةٍ

وتزولُ كلُّ متاعبي بِلِقاكَ

وأكادُ أهزأُ بالحياةِ وأهلِها

وأنا على قدمي أقُصُّ خُطاكَ

وأشمُّ رائحةَ النُّبوَّةِ في يدي

عبَقاً وأمسحُ مَدْمعي لرؤاكَ

هذّبتَ روحي يا مُحمّدُ فاهتدى

قلبي إليكَ وما اهتدى لولاكَ

عظّمتَ “معنىً” للحياةِ ومنهجاً

واللهُ خصّكَ حين أنْ أسراكَ

ناداكَ جبريلٌ يُريكَ بِشارةً

ثمَّ اجتباكَ اللهُ إذْ أدْناكَ

قُرِّبتَ منهُ فَفُتّحتْ جنّاتُهُ

والأنبياءُ حديثُهم مَسْراكَ

ياربِّ قرِّبني إليهِ وأسقِني

من كفّهَ نهراً بِنورِ سناكَ

واجعل سلامي شافِعاً لي عندهُ

واجعل حياتي “كُلُّها” لِرِضاكَ

آمين..

~ولتطِب أرواحنا دوماً بطيبة.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: